وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قيل: يا رسول الله! الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية، فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله". وقد قال تعالى: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله.
وهذه المسألة هي في الرجل أو الطائفة يقاتل منهم أكثر من ضعفيهم، إذا كان في قتالهم منفعة للدين، وقد غلب على ظنهم [ص: 312] أنهم يقتلون، كالرجل يحمل وحده على صف الكفار ويدخل فيهم، ويسمي العلماء ذلك الانغماس في العدو; فإنه يغيب فيهم كالشيء ينغمس فيه فيما يغمره.
وكذلك الرجل يقتل بعض رؤساء الكفار بين أصحابه، مثل أن يثب عليه جهرة إذا اختلسه، ويرى أنه يقتله ويقتل بعد ذلك.
والرجل ينهزم أصحابه فيقاتل وحده أو هو وطائفة معه العدو، وفي ذلك نكاية في العدو، ولكن يظنون أنهم يقتلون.
فهذا كله جائز عند عامة علماء الإسلام من أهل المذاهب الأربعة وغيرهم، وليس في ذلك إلا خلاف شاذ. وأما الأئمة المتبعون كالشافعي وأحمد وغيرهما فقد نصوا على جواز ذلك. وكذلك هو مذهب أبي حنيفة ومالك وغيرهما.