عدد الصفحات: 233 صفحة
عن الكتاب: في كتابه الجديد يناقش الدكتور المسيري النماذج المعرفية والادراكية الكامنة وراء كل من الانتفاضة والمحاولات الإسرائيلية لقمعها، انطلاقاً من «أهمية النماذج المعرفية في تحديد ادراك الانسان وخطورة التبعية الادراكية التي تجعلنا نستورد نماذجنا المعرفية من الخارج مثلما نستورد السلع والبضائع، وهو ما يجعلنا بالتالي ننظر الى انفسنا من خلال عقول وعيون غربية تسرب لنا ما تود أن نرى، وما ترغب في أن ندركه أو نعيه». والخطورة هنا تكمن، حسب وجهة نظر المسيري، في تحولنا عبر هذه النظرة الى مادة استعمالية.
بعد ذلك حاول المؤلف أن يشير الى نموذجين متصارعين في فلسطين المحتلة هما الانسان المادة «الصهيوني»، والانسان السر «الفلسطيني»، والأخير صنع الانتفاضة من خلال وعيه بذاته وجذوره في أرضه وايمانه العميق بانسانيته. وفي ضوء ذلك تحدث المؤلف عن أزمة الشرعية الصهيونية باعتبارها مفتاحا لفهم الانتفاضة، مشيرا الى أن لتلك الشرعية وجهين مرتبطين ببنية القول والفعل الصهيونيين، فالصهيونية ترمي الى نقل اليهود من «المنفى» الى فلسطين، ونقل العرب منها الى المنفى، وكل عملية نقل تحتاج الى ديباجات مختلفة عن الأخرى، وشرعية مختلفة عن شرعية سواها، وقد نتج عن ذلك وجود شرعيتين هما «الشرعية الصهيونية التي يسبغها الصهاينة على نفسهم امام العالم الغربي واليهود ككل، وشرعية الوجود التي يريدون تأكيدها في مجابهة العرب، وذلك بتزايد قمعهم وترحيلهم وباستخدام همجي للآلة العسكرية التي يملكونها. وقد نظر المؤلف الى ذلك باعتباره مؤشرا على «تخثر المادة القتالية الصهيونية وتراخي قبضتها في مواجهة المقاومة الفلسطينية وشرعية وجود الانسان «السر» والذي يقوض باستمرار انتفاضته دعائم الشرعية الصهيونية ووجودها ذاته».
وفي الفصول الثاني والثالث والرابع تناول د. المسيري جوانب مختلفة من أزمة الصهيونية وكيفية استجابة الفلسطينيين الذين أدركوا عدم التجانس الحاصل بين اليهود حيث انهم يتشكلون من عشرات الهويات والانتماءات الدينية والاثنية والطبقية، فمنهم اليهود «اليديشية» وهم المتدينون الذين يعرفون يهوديتهم على أساس ديني، ومنهم من تمت علمنته ويعرف يهوديته على أساس إثني، وهم بقسميهم موجودون في انجلترا واميركا والأرجنتين وجنوب افريقيا، ويتحدثون اللغة اليديشية.
أما القسم الثاني من اليهود فهم الذين يندمجون في العالم الغربي ويتحدثون لغة بلادهم وفيهم الارثوذكس والاصلاحيون والمحافظون واللادينيون، وتوجد أكبر تجمعاتهم في اميركا. أما القسم الثالث فيتشكل من يهود العالم الاسلامي والشرق ومنهم اليهود العرب المتحدثون باللغة العربية واليهود السفارديون ويهود ايران وأفغانستان، هذا بالاضافة الى جماعات صغيرة من اليهود الذين يسكنون جورجيا وكردستان، واليهود الموجودين في شبه جزيرة القرم وليتوانيا وغيرهما من البلدان مثل مصر، واليهود المتخفين الذين يطلق عليهم اسم الدونمة ويتركزون في تركيا، وبقايا المارانو في إسبانيا، ويهود بني اسرائيل في الهند، والفلاشا في الحبشة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق