عدد الصفحات: 464 صفحة
عن الكتاب: هذا الكتاب له مذاق خاص وطعم خاص بين الكتب التي تُعنى بأسماء الله وصفاته.إن الدارس لما دوَّنه ابن القيم في هذا الباب يجده يتحدث عن موضوع خالط نفسه، وسرى إلى شغاف قلبه، فإذا تحدث عنه، فلا تجده اكتفى بالنقل عن غيره، أو اكتفى بالرجوع إلى كتب اللغة، ولكنك تجده يفيض علينا علماً قد تناهى نضجه، واستوى على سوقه، فهو يتحدث عن مجاهدة ومعاناة، فيروعك منه تأصيلات ولفتات ونظرات، تجعلك تطرب لما يورده عليك، وتجد كلامه يسري إلى نفسك تياراً كهربائياً، لا تملك له دفعاً.وهو في ذلك كله يعتمد المنهج الذي كان عليه أهل السنّة والجماعة من الصحابة ومن تبعهم بإحسان من بعدهم، ويرصع ذلك كله بالنصوص القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة، وهو في ذلك يصوب ويخطئ، ويبين عوار الذين ضلوا في هذا الباب، ويبين الآثار الخطيرة التي تترتب على أقوالهم، فإن المناهج المخالفة تقوم حجاباً يحول بين أصحابها وخالقهم وبارئهم، بمقدار ما تلبَّسوا به من ضلال.ومما يُحمد عليه العلاّمة ابن القيم رحمه الله أنه قعد قواعد كثيرة، جعلها ضابطة للحق في هذا الباب، ونافية للباطل الذي تلبست به، ومصححة لما ذهب إليه الذين ضلوا في هذا الطريق، وقد رصدت كثيراً منها في آخر هذا الكتاب.وقد التزمت بأن أضع في هذا الكتاب ما دونه ابن القيم رحمه الله تعالى دون ما دوّنه غيره، فإن الكتاب منسوب إلى ابن القيم وحده دون غيره، فلا يجوز شرعاً ولا عقلاً أن يضع في كتابه ما دوّنه غيره في باب الأسماء والصفات، وقد رأيت كتاباً عنون له جامعه بـ «شرح أسماء الله الحسنى» لابن القيم، وقد رأيته قد قصَّر كثيراً في جمع المادة العلمية من جهة، وأضاف إلى الكتاب كثيراً مما نقله عن القرطبي وغيره من المؤلفين في مباحث أسماء الله وصفاته، وهذا خطأ كبير، فقد كان عليه أن لا يضمن الكتاب ما ليس من قول ابن القيم، غفر الله لنا وله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق