عدد الصفحات: 55 صفحة
عن الكتاب: وقال شيخ الإسلام أبو العباس تقي الدين بن تيمية قدس الله روحه ونور ضريحه:- "الصفات الاختيارية وهي الأمور التي يتصف بها الرب عز وجل فتقوم بذاته بمشيئته وقدرته; مثل كلامه وسمعه وبصره وإرادته ومحبته ورضاه ورحمته وغضبه وسخطه; ومثل خلقه وإحسانه وعدله; ومثل استوائه ومجيئه وإتيانه ونزوله ونحو ذلك من الصفات التي نطق بها الكتاب العزيز والسنة. "فالجهمية" ومن وافقهم من "المعتزلة" وغيرهم يقولون: لا يقوم بذاته شيء من هذه الصفات ولا غيرها. و"الكلابية" ومن وافقهم من "السالمية" وغيرهم يقولون: "تقوم صفات بغير مشيئته وقدرته; فأما ما يكون بمشيئته وقدرته: فلا يكون إلا مخلوقا منفصلا عنه".
وأما " السلف وأئمة السنة والحديث "فيقولون: إنه متصف بذلك ; كما نطق به الكتاب والسنة; وهو قول كثير من "أهل الكلام والفلسفة" أو أكثرهم كما ذكرنا أقوالهم بألفاظها في غير هذا الموضع. ومثل هذا: "الكلام". فإن السلف وأئمة السنة والحديث يقولون: يتكلم بمشيئته وقدرته; وكلامه ليس بمخلوق; بل كلامه صفة له قائمة بذاته. وممن ذكر أن ذلك قول أئمة السنة: أبو عبد الله ابن منده وأبو عبد الله ابن حامد وأبو بكر عبد العزيز وأبو إسماعيل الأنصاري وغيرهم; وكذلك ذكر أبو عمر بن عبد البر نظير هذا في "الاستواء" وأئمة السنة -كعبد الله بن المبارك وأحمد بن حنبل والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي ومن لا يحصى من الأئمة وذكره حرب بن إسماعيل الكرماني عن سعيد بن منصور وأحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم وسائر أهل السنة والحديث- متفقون على أنه متكلم بمشيئته وأنه لم يزل متكلما إذا شاء وكيف شاء.
وقد سمى الله القرآن العزيز حديثا فقال: {الله نزل أحسن الحديث} وقال : {ومن أصدق من الله حديثاً} . وقال {ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم {إن الله يحدث من أمره ما يشاء} وهذا مما احتج به البخاري في صحيحه وفي غير صحيحه; واحتج به غير البخاري كنعيم بن حماد وحماد بن زيد.
ومن المشهور عن السلف: أن القرآن العزيز كلام الله غير مخلوق منه بدأ وإليه يعود . وأما "الجهمية" و"المعتزلة" فيقولون: ليس له كلام قائم بذاته; بل كلامه منفصل عنه مخلوق عنه و"المعتزلة" يطلقون القول: بأنه يتكلم بمشيئته; ولكن مرادهم بذلك أنه يخلق كلاما منفصلاً عنه . و"الكلابية والسالمية" يقولون: إنه لا يتكلم بمشيئته وقدرته; بل كلامه قائم بذاته بدون قدرته ومشيئته مثل حياته; وهم يقولون: الكلام صفة ذات; لا صفة فعل يتعلق بمشيئته وقدرته; وأولئك يقولون: هو صفة فعل; لكن الفعل عندهم: هو المفعول المخلوق بمشيئته وقدرته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق