الأربعاء، 15 يونيو 2022

الكتابة عمل إنقلابي

للإنضمام معنا في جروب المكتبة "نقرأ لنرتقي" اضغط هنا



عدد الصفحات: 64 صفحة

عن الكتاب: الشرط الأساسي في كل كتابة جديدة هو الشرط الانقلابي. وهو شرط لا يمكن التساهل فيه، أو المساومة عليه.
وبغير هذا الشرط، تغدو الكتابة تأليفاً لما سبق تأليفه، وشرحاً لما انتهى شرحه، ومعرفة بما سبق معرفته.
الكتابة الحقيقية، هي نقيض النسخ، ونقيض النقل ونقيض المحاكاة الزنكوغرافية أو الطباعية.
فالقصيدة الجيدة هي النسخة الأولى التي ليس لها نسخة ثانية سابقة لها أو لاحقة بها. يعني أنها زمان وحيد هارب من كل الأزمنة.. ووقت خصوصي منفصل كلياً عن الوقت العام.
القصائد الرديئة هي القصائد التي تعجز عن تكوين زمنها الخصوصي فتصب في الزمن العام..
وتضيع.. كما تضيع مياه النهر في البحر الكبير.
إن الشعراء في عالمنا العربي هم بعدد حبات الرمل.. في الصحراء العربية، ولكن الذين استطاعوا أن يخرجوا من المألوف الشعري إلى اللامألوف ..ويطلقوا في السماء عصافير الدهشة.. ويقيموا للشعر جمهورية لا تشبه بقية الجمهوريات.. يعدون على الأصابع..
بالشرط الإنقلابي نعني خروج الكتابة والكاتب على سلطة الماضي بكل أنواعها الأبوية، والعائلية، والقبلية، وإعلان العصيان على كل الصيغ والأشكال الأدبية التي أخذت _ بحكم مرور الزمن _ شكل القدر أو شكل الوثن.
وبالشرط الانقلابي، نعني الغاء جميع حلقات الذِكر التي كان ينظمها دراويش الكلمة.. ومتعهدو حفلات الأدب.. ويدورون فيها حول ضريح لا يوجد فيه أحد..
ومهمة الكاتب الانقلابي صعبة ودقيقة.. لأنها تتعلق بإلغاء نظام قائم، له جذوره الدستورية، والتاريخية ، والقومية، واللغوية، وإعلان نظام بديل يصعب على الناس في بادئ الأمر الإيمان به، والاعتراف بدستوريته.
ويظل الكاتب الانقلابي يثير الدهشة.. حتى تصبح الدهشة عادة ثانية لا تثير حماس الناس ولا خيالهم.. فيبدأون في البحث عن انقلابي آخر.. يحرك طفولتهم.. ويرميهم في بحر الانبهار والمفاجآت من جديد..
وكما يكون الانقلاب السياسي في بدايته غامضاً، ومضطرباً، وحائراً بين الحلم وتجسيده.. كذلك يكون الانقلاب الأدبي في بدايته قلقاً، وانفعالياً ، ومتوتر الأعصاب.. بانتظار الاعتراف الشعبي والاعتراف بالكتابة الجديدة يأخذ وقتاً طويلاً ..لأن من الصعب كسر عادات الناس، وتغيير غرائزهم الكلامية المكتسبة بين عشية وضحاها.

لينك التحميل

للإنضمام معنا في جروب المكتبة "نقرأ لنرتقي" اضغط هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق